الثلاثاء، 24 كانون ثاني، 2017: أصدرت جمعية "چيشاه-مسلك" صباح اليوم الثلاثاء تقريرًا جديدًا تحت عنوان "يد على المفتاح: من المسؤول عن وضع البنى التحتيّة المدنيّة في قطاع غزّة". ويعرض التقرير صورة شاملة عن وضع البنى التحتيّة للطاقة، المياه والاتصالات في قطاع غزة، والجهات المسؤولة عن هذا الوضع. كما ويستعرض التقرير حلولا فوريّة لمنع انهيارها، ومن أجل إعادة تأهيلها وتطويرها.
فسكان غزة لا يحصلون على أكثر من ثمانية ساعات من الإمداد المتواصل من لكهرباء كافة أيام السنة، وخلال الشتاء تتقلص ساعات الوصل إلى أقل من أربع ساعات مقابل 16 ساعة قطع. يؤدي هذا النقص إلى تشوّيش الحياة اليوميّة، ويضر بالخدمات الصحيّة والتعليميّة، ويلحق أضرارا جسيمة بالاقتصاد والأمن الشخصي. أما المياه في الحنفيات فهي غير صالحة للشرب ولغالبية الاستخدامات المنزلية، وقد يؤدي استهلاكها لأضرار صحية. كما تصب مياه الصرف الصحي في البحر دون معالجة أو بعد معالجة جزئية فقط. أما خدمات الاتصال الخلوي فهي عالقة في الجيل الثاني، واتصالات الانترنت بطيئة. تقع البنى التحتية في غزة في حلقة مفرغة وحشية، التي تضم الإهمال والتدمير، الصعوبات الاقتصاديّة، العمليات العسكرية المتكررة، التوترات السياسيّة، التقييدات الإسرائيلية المشددة المفروضة على دخول المعدات والخبراء. كل هذه العوامل تؤدي إلى تخليد الوضع القائم للبنى التحتيّة، إلا أن هذا كلّه لا يعدّ قدرا محتّوما، وبالإمكان تغييره.
يستعرض التقرير الجديد تاريخ البنى التحتيّة خلال العقدين الماضيين، كما ويستعرض تقاسم المسؤوليّة عن الوضع الحالي بين الجهات المؤثرة في القطاع: إسرائيل، السلطتين في كل من رام الله وغزة، مصر، وممثلي المجتمع الدولي. لهؤلاء جميعًا تأثيرًا على الأوضاع في القطاع، وبالتالي يقع عليهم واجب التعاون من أجل تقديم الدعم والإسناد.الظروف القائمة في قطاع غزة اليوم، بعيدة كل البعد عن الشروط الأساسية المطلوبة لإقامة حياة طبيعية. إن أغلب سكان القطاع هم من الفئة الشابة والمتعلمة، وبحاجة فقط إلى إزالة العوائق من أمامهم لكي يتمكنوا من الانطلاق والدفع قدمًا بعجلة الاقتصاد، ولكنهم بدلا من ذلك يضطرون إلى التعامل مع التحديات اليوميّة التي تفرضها عليهم البنى التحتية المترهلة.
هنالك حقيقة واحدة فوق كل الحقائق: خمسين عامًا من السيطرة الإسرائيليّة المستمرة على قطاع غزة.
عشرات السنين من الاحتلال الإسرائيلي الفعلي قد خلقت تعلقًا شبه مطلق لسكان القطاع بإسرائيل في مجال إمداد الطاقة، المياه والاتصالات. وتستغل إسرائيل تعلّق قطاع غزة بها من أجل تحقيق أهداف سياسيّة. وقد حصل في السابق أن قامت إسرائيل بوقف تزويد القطاع بالطاقة. كما وتقوم إسرائيل بمنع وصول الأشخاص إلى التكنولوجيا المتقدمة في مجال الاتصالات.
وتعد التقييدات التي تفرضها إسرائيل على دخول المنتجات والمعدات التي تعتبرها "ثنائيّة الاستخدام" (وهي البضائع المدنيّة التي ترى إسرائيل بأنها قد تُستخدَم أيضًا لأغراض عسكريّة) وكذلك تقييد حركة الخبراء والفنيين من أهم الأمور التي تحبط المساعي لتأهيل المرافق المدنيّة، كمحطة توليد الطاقة ومخازن الوقود التابعة لها، والتي تضررت بسبب القصف الجوي الإسرائيلي، كما وتسهم هذه الحالة في تعطيل تطوير حلول الطاقة البديلة، والمشاريع المتعلقة بمجالات المياه والصرف الصحي. بالإضافة إلى أن الإغلاق والتقييدات المشددة على تنقّل الأشخاص ونقل البضائع قد حجبت امكانيات تطوير الاقتصاد الفلسطيني في غزة، الأمر الذي يؤثر بدوره على إمكانيات الجباية والاستثمار الحكومي في مجال البنى التحتية.
كما ويتناول التقرير مسؤولية كل من السلطة الفلسطينية في رام الله وحكومة غزة عن أوضاع البنى التحتية في القطاع، وكذلك الانقسام السياسي الفلسطيني الذي لم يسهم بحل الأزمات الخانقة بهذا المجال. ومن أهم النقاط التي يشير إليها التقرير هي نسب الجباية المنخفضة مقابل خدمات الكهرباء والمياه، فرض الضرائب على الوقود المعد لمحطة توليد الطاقة، وعدم العمل بشكل كاف لإزالة التعدّيات على شبكة الكهرباء واستخدامها بشكل غير قانوني. كما أضرّ النقص بالتنسيق بين الجهات المختلفة بإمكانيات إقامة مشاريع حيوية في مجال المياه والصرف الصحي، وإمكانيات تجنيد الأموال من جهات دولية لتعزيز البنى التحتية في قطاع غزة.
تدعو جمعية "چيشاه-مسلك" إسرائيل في تقريرها هذا إلى السماح بدخول الأمور المطلوبة من أجل الإصلاح والبناء، وإلى السماح لجميع الجهات، الفلسطينيّة والدوليّة، بالقيام بما هو لازم من أجل تأهيل البنى التحتيّة، بل وإلى المبادرة إلى خطوات مشتركة من أجل تحسين وتحديث هذه المرافق. هذا عدا عن الواجب القانوني والأخلاقي بضمان حياة لائقة للمدنيين في غزة، فإن إسرائيل لديها مصلحة واضحة: إذا لم تقم بما يلزم لإعادة تأهيل البنى التحتيّة، فإن نتائج هذا الإهمال قد تمتد إلى أراضيها. وتدعو "چيشاه-مسلك" كل من السلطة الفلسطينيّة، الحكومة في غزة، مصر والمجتمع الدولي إلى العمل من أجل التنسيق والتعاون ليتم ضمان ظروف الحياة التي يستحقها سكان قطاع غزّة.
للاطلاع على التقرير الكامل، الرجاء الضغط هنا.